لماذا استشرت المشكلات في هذا الزمان، حتى بات ا لمرء يخشى من محادثة الآخرين ومناقشتهم حذراً من فهم سقيم أو تصيد مشين لكلمة أو جملة.
قد تكون صعوبة الحياة التي نعيشها وتغليب النظرة المادية البحتة لمختلف جوانب الحياة ومن جميع الشرائح والفئات هي المحفز لهذا الشحن النفسي القاتل والخلاف المزمن بل قد تكون فكرة الاستغناء بالمال عن الآخرين مسيطرة لدى البعض حتى بات يرى نفسه أمير عصره لذا على الجميع الرضوخ له وكسب وده.
بدأت المشاكل وانتشرت وعم الخلاف بين كثير ممن كانت تسعد بهم المجالس وتأنس لحديثهم الجدران.
ومما زاد من هذا الأثر المحزن والوضع الكئيب عدم القدرة على التعامل الأمثل مع المشكلات بعد حدوثها فبتنا نرى الكثير ممن يتعاطى مع المشكلات يكرر نفس الاسطوانة ويعيد نفس السياق فيتأمل ويركز ويلف ويدور حول المشكلة وأسبابها ثم لا يتوانى في القاء التهم ل (الآخر) وتكبيله بالأخطاء والمحاذير واتهامه بالتكبر والعدوانية وعدم الرغبة الصادقة بالحب والألفة.
تمر الأيام والشهور وهو مازال يفكر بنفس النمط وبذات النسق من السبب في المشكلة؟ ولماذا حدثت؟ ومن المسؤول؟ ومن المشارك؟ وما الهدف والنية والمقصد؟ ولماذا حدثت معي أنا بالذات؟ وهكذا أعمال للذهن واجهاد للفكر في دائرة مفرغة لن توصله إلاّ إلى مزيد من الألم واقناع زائف بالحق والصواب.
في حين ان كثيراً من هذه المشكلات ستضمحل وتزول بكل يسر وسهولة لتكون ذكرى جميلة مضحكة حينما يتداولها الأحباب ويتذكرون تفاصيلها وقوة وقعها ويتباهون بمهاراتهم في تجاوز أخطارها وتقليم أنيابها ثم نجاحهم في تجاوزها وتمسكهم بروابط الحب والاحترام.
سيتحقق كل ذلك لو فكرنا بالمشكلة 20% فقط وفكرنا بالحل 80% بعكس ما هو سائد الآن مع المختلفين والمتنازعين عندها ستتغير دفة التفكير لتتحول إلى أسئلة على نحو: كيف أحل المشكلة؟ لم أبادر بالاعتذار للحفاظ على الود والعشرة وكسب الأجر والثواب؟ ماذا سيحصل لو استمر الخلاف؟ ثم مقارنة ذلك بالنتائج الايجابية عند الصلح والوفاق. عندها ستتغير الصورة الذهنية لدينا عن (الآخر) ليعود حبيباً ورفيقاً وصديقاً وعشيراً.
سعد التركي
باحث في التفكير الإبداعي