قد أنكر هذا طائفة من الناس ، وقالوا : لا يجوز هذا عليه ، وظنوه نقصاً وعيباً ، وليس الأمر كما زعموا ، بل هو من جنس ما كان يعتريه صلى الله عليه وسلم من الأسقام والأوجاع ، وهو مرض من الأمراض ، وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما ، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت : سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إن كان ليخيل إليه أنه يأتي نساءه ، ولم يأتهن ، وذلك أشد ما يكون من السحر .
قال القاضي عياض : والسحر مرض من الأمراض ، وعارض من العلل يجوز عليه صلى الله عليه وسلم ، كأنواع الأمراض مما لا ينكر ، ولا يقدح في نبوته ، وأما كونه يخيل إليه أنه فعل الشئ ولم يفعله ، فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شئ من صدقة ، لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا ، وإنما هذا فيما يجوز طروه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث لسببها ، ولا فضل من أجلها ، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر ، فغير بعيد أنه يخيل إليه من أمورها ما لا حقيقة له ، ثم ينجلي عنه كما كان .