لا شك أن الأطفال لديهم أفكارهم وشخصياتهم المميزة وبالتالى فإن ذهابهم للعلاج أو للاستشارة النفسية قد يكون أمرا صعبا عليهم. ويجب على الأهل أن يدركوا أن التواصل والتفاهم مع الأطفال مختلف عن الطريقة التى يتم بها التواصل مع الكبار أو الأشخاص البالغين. وهناك العديد من طرق وإستراتيجيات الاستشارة النفسية التي يمكن التعامل بها مع الطفل.
إن ذهاب الطفل للاستشارة النفسية أو العلاج النفسى عند الطبيب قد يكون أمرا صعبا بالنسبة له لأنه يتعامل مع شخص بالغ لا يعرفه. يجب أن يبدأ الطبيب الذى سيتولى علاج الطفل وسيقدم له الاستشارة النفسية حديثه بأن يسأل الطفل مجموعة من الأسئلة بدلا من أن يفترض أمورا لم تحدث. فمثلا، إذا كان الطفل يمر بمشكلة بسبب طلاق والديه فيجب على الطبيب ألا يبدأ الحديث معه بأن يقول له إنه يعلم أنه حزين لأن والده ووالدته سينفصلان. فعلى الطبيب أن يقوم بطرح مجموعة من الأسئلة على الطفل بطريقة هادئة، فيمكن مثلا أن يقوم الطبيب بسؤال الطفل عن تصوره للعلاقة بين والديه أو مثلا من الممكن أن يسأل الطفل عن كيفية سير يومه إذا كان هو نفسه رب أسرة.
يمكن أيضا للطبيب أن يبدأ فى علاج الطفل أو تقديم الاستشارة النفسية له عن طريق التمثيل ولعب أدوار مختلفة. وطبقا لعمر الطفل، يمكن للطبيب أن يطلب منه أن يكتب شيئا مثل سيناريو صغير عن منزله وكيف تكون الحياة فيه. ويمكن مثلا للطبيب أن يأخذ دور أحد الوالدين ويأخذ الطفل دور الشخص الآخر.
إن العلاج بالفن أو الرسم قد يكون من سبل الاستشارة النفسية الناجحة مع الأطفال الذين يحبون بصفة عامة الرسم والألوان اللذين قد يمثلان مصادر إلهاء فى مواقف قد لا يستطيع الطفل فيها التواصل كلاميا للتعبير عن مشاعره. يمكن للطبيب أو أحد الوالدين أن يبدأ بأن يطلب من الطفل رسم صورة تعبر عن يومه منذ اللحظة التى استيقظ فيها وحتى ذهابه للنوم. يجب على الأب والأم أن يلاحظا تصرفات الطفل وهو داخل المنزل وتصرفاته وهو خارجه أو وهو فى المدرسة.
إن العلاج بالفن والرسم مناسب للأطفال فى سن الروضة والذين يحتاجون للصبر والتفكير بإبداع عند التعامل معهم. إن الأطفال الصغار عادة ما يذهبون للطبيب أو للأخصائى الاجتماعي في المدرسة للاستشارة النفسية بدون أن يفهموا فعليا سبب ذهابهم. وحتى إذا كان الطفل يفهم سبب ذهابه لتلقي الاستشارة النفسية والتحدث مع طبيب أو أخصائي اجتماعي، فإنه قد لا يحب هذا الأمر. يجب أن تكون جلسة الاستشارة النفسية ممتعة.
هناك أطباء متخصصون فى علاج الأطفال نفسيا عن طريق اللعب والذى يستخدمونه لحل مشاكل الطفل النفسية والاجتماعية. ويستخدم الطبيب أو المعالج فى تلك الحالة بعض الأدوات مثل العرائس ومنازل العرائس وأدوات الرسم وبعض الألعاب الأخرى التي يستخدمها المعالج لتشجيع الطفل على التحدث عن اضطراباته النفسية والعصبية. فالأطفال فى مثل هذا النوع من العلاج يقومون بالتحدث مع لعبهم عندما لا يتمكنون من التعبير عن أنفسهم عن طريق اللغة والكلام.
العلاج الجماعي أو الاستشارة النفسية الجماعية
إن الأطفال عادة يتعلمون بطريقة أكثر فاعلية عندما يكونون فى مجموعات، فمثلا فى الروضة يكون زملاء الطفل لهم تأثير عليه. فإن الأطفال عادة يتعلمون من مشاهدة تصرفات الأطفال الآخرين وأيضا التعلم من أخطائهم. إن المجموعات العلاجية للأطفال فى سن الروضة يجب أن يكون عددها أصغر من مجموعات الأطفال الأكبر سنا، فمثلا يمكن أن تتكون المجموعة من ثلاث حتى أربعة تلاميذ أو أطفال. ويمكن أن يتم تقسيم المجموعات إلى مجموعات تتحدث عن الاعتزاز والثقة بالنفس وأخرى تعالج مشاكل المهارات الاجتماعية.
وهناك بعض الأفكار والطرق والإستراتيجيات الأخرى التى يمكن من خلالها تقديم الاستشارة النفسية للطفل لمساعدته على التعبير عن نفسه بطريقة أكثر فاعلية بدون أن يشعر أن هناك ضغطا مباشرا عليه. فيمكن مثلا تشجيع الطفل على التعبير عن أفكاره ومشاعره عن طريق بعض الأنشطة مثل إكمال الجملة الناقصة والاستماع إلى القصص ولعب الأدوار التمثيلية.
وهناك نوع آخر من الاستشارة النفسية للأطفال وهى متمثلة في تقديم الاستشارة للطفل حول أسس التغذية السليمة والتى من شأنها أن تقلل من البدانة عند الأطفال والتى قد تضر الطفل كثيرا وتخلق له مشاكل على المستوى البدنى والعاطفى وحتى التعليمى.
إن الاستشارة الجماعية للطفل البدين مؤثرة لأنه يعانى من انخفاض ثقته بنفسه ومن أعراض إحباط واكتئاب ويكون هذا أحيانا بسبب سخرية الآخرين منه. تتكون مجموعات علاج الطفل البدين من الناحية النفسية وتقديم الاستشارة له من مجموعة أطفال يلتقون بصفة دورية للتحدث عن مشاكلهم ومشاعرهم ومعاناتهم مع البدانة. ويكون لقائد المجموعة الدور فى نشر الوعى بخصوص كيف ينظر الطفل لجسمه وكيف يتعامل مع سخرية الآخرين وكيف يبنى ثقته بنفسه ويتعامل بإيجابية مع الحياة.
